الشغف

من أكثر الكلمات جمالاً ودلالاً وسحراً . قال تعالى : قد شغفها حباً : أي أصاب حبه شغاف قلبها .

إنه الحب في أكثر معانيه قوة وتجلياً وكمالاً .. إنه الحب غير العادي .. إنه الحب الإنفعالي غير الهادئ .

 أن تعيش بهكذا شغف هو أن تعيش في حالة حب تكاد تكون هياماً ، في حالة سعادة تكاد تكون إنتشاءً وفي حالة من الحيوية والحراك والتحفز الذاتي تجمع بين الرشاقة والقوة بين رقة المشاعر وعنفوانها بين نعومة الحرير وصلابة الفولاذ  .

الشغف يجعل حتى الأشياء البسيطة جدا والروتينية جداً أشياء عظيمة وحيوية جداً جداً  .

الشغف يمس الأشخاص والأشياء فيغير كُنهها وجوهرها ويحولها ويحول ذواتها إلى ذوات ذات قيمة أعلى وأسمى .

 نعم يكاد يكون الشغف إكسيراً ينفخ في روح الحياة فيجعلها أبدية ، يمس التراب فيصيره تبراً .

الشغف إن دخل حياتك أرّخ لها تأريخاً يجعل مابعده ليس كما كان قبله بمشيئة الله .

الشغف قوة غلابة

كلا .. لم يتوقف سحر الشغف بعد ! فالشغف قوة .. بل قوة غلابة .

 هل مر بك قط شئ يجمع بين نعومة الحرير وقوة الفولاذ ؟!

إنه الشغف أيضاً فهو لايجعلك تعيش حالة الفراشة الناعمة الحالمة تلك ، بل يمنحك أيضاً قوة البارود وصلابة الفولاذ .

 فحالة الهيام والحب والسعادة تلك لن تخيبك إن دخلت معامع الحياة ومعتركاتها وستجده رفيقك الوفي وسلاحك الأمضى فيها بعد سلاح التوكل على الله والعلاقة معه .

الشغف يسود

 فمن المعروف مثلا في التفاوض أن الشخص الشغوف الحيوي المشتعل يسود الغرفة إن تشابه وتساوى كل شئ آخر ، فالشغف إذن هو ميزة تنافسية أيضا في نظري .

  أثر الشغف في التعامل مع الإخفاقات ومع التحديات والعقبات

الشغف وقود التحديات ومادتها فالشغف الممزوج بالمثابرة والإصرار والتحدي مع التوكل قوة لايمكن هزيمتها أو قهقرتها ، إلا ماشاء الله .

الشغف قوة تمرد على السائد ، على التابوهات ( الموروثات والقناعات البالية ) ، على الظروف ، على العقبات ، على الأشخاص ، على الأشياء ، على العوائق ، على كل مايحول بينك وبين ماتريد .

الشغف هو الرفيق عندما يعز الرفيق هو الوقود عندما تخلو مستودعاتك منه ، هو وقود النجاح  الذي تحدث عنه تشرشل في مقولته المشهورة : النجاح هو أن تنتقل من فشل إلى فشل آخر دون أن تفقد حماسك .

الشغف وروح التحدي والمثابرة والمصابرة هو مايجعلك تنهض بعد السقوط وتنفض عنك غباره غير آبه ، بل هو مايجعلك تنظر بغضب وتحدي وعناد أكبر وأكبر لأهدافك ورؤاك ومهمتك وحياتك ، وذلك مايجعلك أكثر خبرة وأكثر قدرة وقوة أيضاً بعد كل إخفاق .

 انقل هذا الإكسير ( الشغف ) إلى جميع مناطق حياتك

السر هنا والهدف هو أن تنقل هذا الشغف ، هذا الحب والإنفعال الحميد إلى جميع مناطق حياتك .

  إلى ذاتك

إلى ذاتك أولا فيصبح الشغف صفة ملازمة لها ، وهذا ، أؤكد لك ، له علاقة كبيرة بأشياء كثيرة في حياتك مهمة جدا إبتداء بحالتك العقلية والصحية الجسدية والنفسية وحتى جاذبيتك الشخصية . الشغوفون تجدهم في حالة حب ، في حالة حراك مستمر ، في حالة من الحيوية الغريبة بغض النظر عن السن أو حتى الحالة الصحية عند البعض ، الشغف يعمل على إدخال السعادة والسرور والشعور بالأهمية والقيمة إلى ذاتك كائناً من كنت ، ومهما كان عملك ، وسينقلك معه بمشيئة الله إلى مستويات إنجاز جديدة وكبيرة بتوفيق الله .

 إلى عملك

وتنقله إلى عملك ورسالتك ومهمتك في هذه الحياة ، يجب أن تشعر بعاطفة جياشة تجاه ماتريد عمله وتحمل همه وتريد تحقيقه وإنجازه في هذه الحياة القصيرة جداً في طولها والطويلة جداً في عمقها وجودة ماتفعله وتقدمه فيها إن إمتزج خاصة بنبل المقاصد والغاية .

إلى علاقاتك

الشغف يجعل منك شخصية مغناطيسية كاريزمية جذابة وهو بالضبط ماتحتاجه في علاقاتك طويلة الأمد ، هذا مايجعلك ساحراً في أعين من يحبك .

الشغف يجعل الحب غير عادي وغير هادئ ، يجعله حباً تفاعلياً ، يجعله كائنا ينمو ويزداد باضطراد .

 ولكن هل يصنع الشغف أم يوهب ؟

الشغف يصنع .

نعم يمكن أن تكون إنسانا شغوفا إن لم تكن الآن كذلك .

كيف تكون شغوفاً ؟

– إملا بالحب جميع جوانب حياتك حتى تلك التى ترى أنه من الصعب عليك فعل ذلك فيها .

انظر بحب لحياتك ككل . كن ممنونا لله الذي وهبك إياها ، هذه الحياة ، هذه الرحلة ، القصيرة في الحقيقة ، نحو رحلة أخرى أبدية لاتنتهي ، ومارس الشكر باستمرار حتى وإن كانت حياتك الآن ليست كما ينبغي من وجهة نظرك فهذا الحب وهذا الشكر سيجعلها بلاشك أفضل ، بمشيئة الله .

– انظر للأشياء وللتحديات وللأشخاص في حياتك من جوانب إيجابية ، ركز على الجوانب الخيرة والإيجابية فيها وفيهم وابن عليها . *ملاحظة : هذا لايعني إطلاقا أن تكون غبيا أو ضعيفا أو خباً سهل الإنخداع  ولكن يعني أن تحسن الظن حتى يثبت لك العكس وأن تتعامل بأريحية وخيرية إجمالا مع الحياة والأحياء لأنك إن فعلت ذلك فسيقل عدد أولئك السيئين في حياتك وسيزيد الخيرون فيها بمشيئة الله.

– مارس الرياضة فالطاقة الجسدية لها دور كبير في جميع جوانب حياتك ، في جميع أدوارك التي تمارسها فيها ، في جميع أهداف حياتك التي تعمل عليها .. في جميع …. هل وصلت الفكرة ؟!

الرياضة تصلك وتصل حياتك بتيار من السعادة والقوة والإيجابية والصحة يحول كل شئ فيها للأفضل بمشيئة الله ، فالخامل الكسول يستحيل أن يشعر بهذا الطاقة والحيوية والرغبة في الإنجاز والترقي والتقدم . أدخل الرياضة في حياتك وستشكرني لاحقاً .

    – قولب أهدافك ورؤية حياتك في قوالب من الحب والسعادة .

إجعلها مشوقة ، جاذبة ، تكاد تجن حينما تفكر في أنك تعيشها وتحققها .

إجعل العمل على أهدافك مكافأة لك في حد ذاتها ، إجعل العمل عليها رحلتك السعيدة تجاه السعادة التي تريدها وإن لم تصل ، فالسعادة كما قال أحدهم ليس لها طريق بل إن السعادة هي الطريق في هذه الحياة القصيرة .

والآن :

والآن ، وقد وصلنا لخاتمة هذه المقالة ، أسألك : هل ستجعلها كأي مقالة أخرى أو معلومة أخرى مررت عليها مرور الكرام ، بعقل مشتت ، وروح خادرة ، وعاطفة باردة ؟

هل ستجعلها مصدر سؤال آخر بشكل آخر لمشكلة تعيد تشكليها كي ترضي غرورك أو في الحقيقة كسلك وتسويفك عبر البحث المستمر اللامنتهي وغير المبرر أو المقنع أو المفيد لحلول تبحث عنها لمجرد البحث ، فلا أرضاً قطعت ولاظهرا أبقيت ، تبدد مواردك المحدودة ( عمرك على الأقل ) في عملية بحث كان يجب ألا تكون من البداية ؟

    سؤالي لك  :

هل ستبقى ، إن كنت كذلك الآن ، سمكة باردة ، مشتتة ، تحسب كل صيحة عليها ، تخاف وبالتالي تنتظر أن تكون وجبة صغيرة في جوف ما ؟ إلى متى ؟

أم أنك ستكون نبعاً فواراً من الحماسة والعاطفة الجياشة والتحدي والإصرار نحو تحقيق ماتريد من الخير ، وتفعيل ملكاتك ومواهبك ومهاراتك القابعة في مكان ما داخلك ، تجعلها قائدك وأداتك في الحياة بدلا من أن تكون مصدر الآمك وتأنيبك ..

الخيار لك .

 

error:

Pin It on Pinterest

Share This